◄(أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الصفّ/ 10-11).
منذ غابر الأزمان، كان كلّ حديث الفلاسفة والعلماء التفتيش عن ديمومة الحياة، وما هو الدواء أو العمل الذي يحافظ على الحياة الدائمة والقوّة والعطاء بشكل دائم، من هنا تعدَّدت التسميات بين حجر الفلاسفة وإكسير الحياة وكيمياء الحياة الأبدية.
وهذا الأمر كان ومايزال محور اهتمام العلماء والفلاسفة ورجال الدِّين. حتى إنّه أصبح من اهتمامات الطب وعلوم الإدارة والموارد البشرية، وحتى في الكلّيات العسكرية والأمنية، كيف أحافظ على التفكير المتوقِّد لدى الأفراد، وكيف أُحافظ على شباب دائم وحيوية وفعالية مهما تقدَّم بنا العمر والزمن...
من هنا تعدَّدت الإجابات حول هذه المسألة، وسنورد بعضاً ممّا ورد منها في كُتُب متعدِّدة لنخلص إلى ما يلي:
1- قوّة التوازن الكامل: هذا الاتجاه يعتبر أنّه يجب تقسيم الوقت ما بين العمل والرياضة والتواصل الاجتماعي، والحفاظ على البرنامج الغذائي السليم، والحضور في الطبيعة، والاستماع إلى ما يهذِّب الروح.
2- المحافظة على التفكير المتوقِّد: القاعدة هي كسر الروتين اليومي أو الأسبوعي أو الشهري والسنوي.
3- الباربسيكولوجيّون: يتحدّثون عن طاقة العمود الفقري، وتتركز في أسفله، حيث إنّ القيام بأفعال غير نظيفة يجمِّد الطاقة ويدبّ الخمول بالجسد، أمّا القيام بأعمال نظيفة، فيحرّك الطاقة، ويجعل الجسد بحالة من الحيوية والطاقة المتجدِّدة.
4- أمراض القلب: أي إذا أذنب العبد، برز في قلبه نكتة سوداء، فلا يعود يميِّز الحقّ من الباطل، ولا الخطأ من الصواب، بل كلّ أمراض القلب تتمكّن منه، ولذلك كلّ كيانه سيمرض، كما ورد في الحديث الوارد في (كتاب الكافي للكليني): "ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإن أذنب ذنباً، خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب، ذهب ذلك السواد، وإن تمادى في الذنوب، زاد ذلك السواد حتى يُغطّي البياض، فإذا غطّى البياض، لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً "، وهو قول الله عزّوجلّ: (كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطفّفين/ 14).
5- التوازن بين الفصول الأربعة: عن الإمام الكاظم (ع): "اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعاتٍ: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والثّقاتِ الذين يعرِّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للّذاتكم في غير مُحرَّم".
وهنا مطلوب توزيع الوقت ما بين وقتٍ للعمل، ووقتٍ للعبادة، ووقتٍ للتواصل الاجتماعي والترفيه.
قد نُعدِّد عشرات الأفكار والاقتراحات، ولكنّ السؤال يُطرح من جديد، وهو برسم كلّ مفكِّر وكلّ عالم وكلّ باحث في كلّ مجالات العلم:
1- ما هو البرنامج الذي نعتمده بشكل يوميّ ودائم للحفاظ على الفكر المتوقِّد والحيوية والعطاء، مهما تقدَّم بنا الزمن، ومهما ألمّ بنا من مصائب وبلاءات وأمراض مختلفة حتى آخر لحظة في عمرنا؟
2- ولو عرفنا البرنامج، فما هو الضابط الذاتي أو المحرّك والمفعّل لتنفيذ هذا البرنامج تلقائياً وحتى آخر لحظة من عمرنا؟ ►
*اختصاصي ومعالج نفسي تربوي وعيادي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق